القرآن الكريم يبني شخصيةً مختلفةً عن هذه النماذج التي لا تحق حقاً، ولا تبطل باطلاً، لا تقيم عدلاً، لا تحقق الخير لأمتها، لا تدفع الشر عن أمتها، لا تسهم أي إسهام في واقع حياة الناس في القضايا الكبيرة والرئيسية والمهمة، القرآن الكريم يبني مصلياً مؤمناً ملتزماً، ولكن يبني إنساناً واثقاً بالله، عظيم الثقة بالله -سبحانه وتعالى- إنساناً يخشى الله وحده، ولا يخشى كل هؤلاء البشرية في كل أصقاع الأرض، ولن يترك من أجل كل الطغاة والمتكبرين عملاً واحداً، أو مسألةً واحدة يريدها الله منه، أو يأمره بها، إنساناً لا يترجم إيمانه فقط بأخذ المسبحة على الفراش وهو يضطجع ويرتاح، وإنما يترجم هذا الإيمان ثقةً عظيمةً بالله وهو يواجه التحديات والأخطار، إنساناً ليس أقصى ما يصل إليه في إيمانه أن يذهب إلى المسجد في مدينة هادئة ومستقرة لأداء صلاة الجماعة، ولكنه حاضرٌ أن يذهب إلى الميدان ليقدِّم روحه، ليبذل حياته في سبيل الله، إنساناً يحقق في واقعه قول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ}
اقراء المزيد